في مكان ٍ مجهول ..وزمان ٍ متوقف.. أرى نفسي جندياً متبقي من بين ألوف ... أصارع في معركتي الأخيرة مع قدري ..أمشي منذ عصور ٍ.. متهالكاً فوق قدمين من حجر, تأبى كل الواحدة ٍ أن تسبق الأخرى..ولا أعلم أصحاب الدماء التي تغطيني...فقد عانقتهم جميعا ً واحدا ً تلو الآخر عندما سقطوا...وفي جيبي دفاتر مذكراتهم و رسائلهم الأخيرة....
أمسك بيدي بندقية...وقارورة ماء أنانية ... يدي اليسرى مقتولة الإحساس..فأجر باليمنى بندقيتي ذات الرصاصة الواحدة ..والتي طالما فكرت أن أفرغها في رأسي لأُنهي هذه المأساة...لكن في داخلي أملْ, وصوتٌ يقول" أولى أن تكون في رؤوس الأعداء"...
تحفر خلفي أخدودا في التراب ..فأشك بها كثيراً....كأنها تترك دليلاً على مروري ولا أدري إن كانت تتركه لصديق أم عدو .
أعلم أنها أنقذت حياتي طوال الأيام الماضية ... ولكن تتعلم مع مرور الزمن ألا تثق إلا بنفسك.
طوال ذلك الوقت كانت الرمال الحمراء هي التي تحملني ..والآن بدأ لون الأرض يتغير ..فقد بدأ يحمل بعض من اللون الأخضر...
أعرف هذا اللون جيدا ..وأميز تلك الرائحة... إنه تراب الوطن الغالي الذي ألفته منذ الصرخة الأولى..إنه ملعبي القديم..ومخبئ الذكريات ... إنه.... وأرتمي على جذع أول شجرة ..كمن يرتمي في أحضان أمه ..أعانقها ..وأقبلها... وأبكي..وأركع ..وأبكي بين يديها.
شعوري بالأمان عبر بي إلى عالم الأحلام ..الذي تركني منذ أيام ..والآن بين شكوكي ومخاوفي .. تتجلى صورة جميلة.. وأحاسيس مفقودة...بدأت بتذوق طعم العنب ..وطعم التفاح الأصفر ..هنا سأزرع شجرة تين ٍ صغيرة ,مكان التي اقتلعها الأوغاد ..وهنا سأزرع زيتونة وهناك ..سيكون الرمان ..وسأربط بينها أرجوحة ً لحبيبتي الصغيرة...أما هنا سأبني كوخاً من طين ..وحظيرة ً من أغصان الكرز
..وسأربي بها دجاجة ..ونعجة .. سأبني حوضا صغيراً للياسمينة وآخر للحبق..وسأبحث عن عروسي.. سأنجب طفلين ...بنت ً أسميها بندقية ..وصبياً أسميه وطن..وسأغسل بأيديهم الطاهرة كل الذكريات المؤلمة و سأعلمهم عشق التراب ....و......صور الشهداء وصوت رصاصة اخترقت لحمي ..قطع علي حلمي الصغير... لقد وصلوا ..لقد لحقوا بي ...لقد خانتني بندقيتي ...
إنهم هنا في كل مكان يطلقون الرصاص عشوائياً...فيغتالون حتى الأحلام...وأوراق الشجر...
قتلوا بندقية ..وقتلوا وطن.....
إنهم هنا بكرههم ..وبغضهم.. وتعصبهم الشديد لأنفسهم ..وإنا عاجزٌ في مكاني وليس معي سوى رصاصةٍ واحدة..وفي رأسي سبقتني واحدةُ منهم ..لقد حرموني لذة حرية القرار التي كنت أرغب أن أعيشها بنفسي...
أكرههم ..أبغضهم..أنظر إليهم الآن بروحي التي حلقت فوق جسدي ..أتمنى أن أقتلهم جميعاً..أن امحيهم ...أتمنى لو كانت معي دبابة ..
لأقتلعهم من جذورهم...
أراهم يضحكون فوق جثتي و يشربون نخب الانتصار كما شربوه على جثامين رفاقي ...
أيها الأوغاد..ويا أصحاب الأحقاد..أيها الطاعون ويا أعداء الإنسان...أيها القتلة....أيها...
تحركني يدُ صغيرة ..وتهزني و تهزني طفلة...تضع بين خصلات شعرها وردة....وكملاك صغير بعيونها الخضراء وابتسامتها البريئة ..تضع يدها على وجهي ...وتمسح العرق البارد الذي كان يعتريني.....
» هكذا فصولكِ الاربعه
» كل الشكر للوموي
» اتمنى ان اتعرف عليكم
» عاطف دنون الحمدلله على السلامه
» كلمة شكر
» ايها المغتربون استمتعو حيث انتم
» خربشات إمرأة...ا
» سويداء الوطن ... يرى النور
» اعتذار عن خلل فني
» هل نستطيع سلق بيضه بالموبايل
» صور لا تراها إلاّ في مصر
» نطرح للنقاش : ماذا تفعل عندما تشتاق لاشخاص لم يعد لهم وجود في حياتك
» عذرا انه حلم
» عذب الكلام
» عمل تخريبي في أحد الأراضي المزروعة تفاح في بقعاثا
» اخراج ... ابو عجاج
» Q & A
» مني مثل ومنك مثل..
» لنبق متألقين دوماً