قرر أهالي الجولان مواجهة إسرائيل على طريقتهم. فبعد فشلها بفرض جنسيتها على سكان المرتفعات السورية المحتلة، بادرت إسرائيل إلى إقرار تشريع ضم الجولان مصعدة إجراءاتها القمعية بحق المواطنين السوريون، من اعتقالات إدارية إلى حملات تفتيش ومداهمة، وإعلان منطقة الجولان منطقة عسكرية مغلقة.
ورداً على ذلك، عقد سكان الهضبة اجتماعاً في خلوة مجدل شمس، قرروا خلاله إعلان إضرابهم المفتوح والشامل في 14/2/1982. صحيفة هآرس الإسرائيلية، كتبت في افتتاحيتها بعد يومين: يخطئ من يعتقد أنه بالاعتقال وغيره من ممارسة سياسة اليد الحديدية، يمكن إخماد مقاومة سكان الجولان.[12] أما صحيفة عل همشمار، كتبت في اليوم نفسه: ربما تفلح سياسة اليد الحديدية في كسر الإضراب وملء السجون، لكنها لن تزيد من التأييد لإسرائيل.[13]
إن إعلان الإضراب، جاء ضربة قاسية لإسرائيل وغير متوقعة، فمواطنو الجولان التزموا بالقرار الشعبي بشكل تام، حيث أغلقت المحلات التجارية، وتوقف المزارعون عن أعمالهم، وأغلقت المدارس أبوابها، ولم يذهب العمال إلى أماكن عملهم، ما دعا إسرائيل إلى فصل العاملين وحرمانهم من كل حقوقهم. كما ألغت المقابلات مع الأقارب في سوريا، والتي كانت تتم في المنطقة المعزولة السلاح، التي تبعد أمتار قليلة عن مجدل شمس، وذلك أيام الحكم العسكري للهضبة. تلا ذلك، التهديد الذي أطلقه آرييل شارون، ومردخاي تسيبوري للسكان بالطرد، إذا هم واصلوا رفض القانون الإسرائيلي. كما امتنعت العيادات التابعة لدائرة الخدمات الصحية الإسرائيلية عن استقبال أي مواطن سوري لا يحمل الجنسية الإسرائيلية.
أدى هذا التصعيد الإسرائيلي إلى زيادة نقمة الأهالي، ما حدا بإسرائيل للجوء إلى دفع عضو الكنيست الليكودي المتشدد، أمل نصر الدين للقيام بوساطة لدى السكان لردم الهوة بين الطرفين، وجاء رد أهالي الجولان بأنهم يرفضون حتى مجرد أستقباله، أو وجوده على أرضهم. أرسلت وزارة الحرب بعدها ممثلاً عنها بتاريخ 20/2/1982 لحث الأهالي على قبول الجنسية الإسرائيلية، والتأكيد أن إسرائيل لن تجبرهم على أن يكونوا صهاينة، وإنما مواطنين مسالمين وحسب.
جاء الرد الشعبي حاسماً، رافضاً لاستلام الجنسية، وطالب الأهالي المندوب الإسرائيلي بإطلاق سراح المعتقلين، ولم شمل العائلات على جانبي خط وقف إطلاق النار، وطالبوا من خلاله وزير الحربية شارون، التعهد بشكل مكتوب بعدم إلزام أبناء الجولان بالخدمة بصفوف جيشه.[14]
بعد فشل الوسيط السالف الذكر، زار الجنرال أمير دروري قائد المنطقة الشمالية قرى الجولان، طالباً من الأهالي فك الإضراب، محذراً ومؤكداً أن قرار حمل الجنسية الإسرائيلية لا يحتمل التأويل، مضيفاً أن إسرائيل وحدها هي من يقرر، وأن على السكان الطاعة والالتزام، مهدداً أنه سيتم ترحيل كل من يرفض الجنسية الإسرائيلية إلى داخل الأراضي السورية.
لم تلق محاولة دروري الأخيرة حظاً أوفر من سالفتها، ما دفع قوات الاحتلال إلى إغلاق القرى الأربع بقرار عسكري، وفرض حصار خانق على السكان، تم خلاله قطع الصلة بين القرى الأربع، ومنع الدخول إليها أو الخروج منها. كما قلصت المياه، وقطع التيار الكهربائي، وفرضت السلطات حظراً على وصول المواد الغذائية. مما دفع السوريين لإرسال قوافل محملة بالمواد الغذائية والأدوية إلى المنطقة المعزولة السلاح، المحاذية لبلدة مجدل شمس في 26/2/1982، لكن الإسرائيليين رفضوا السماح لها بالدخول.
في خلال ذلك، داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي البيوت معتقلة عددا من المواطنين، ومرفقة ذلك باستعراضات عسكرية لجنودها داخل القرى، ثم حظر التجول على سكانها، ومنعت الأطباء والمساعدات المقدمة من الضفة الغربية والجليل والناصرة من الوصول إلى المنطقة، كما منعت مرضى الهضبة من الخروج للعلاج خارج قراهم. إضافة إلى منعها الصحفيين من الدخول إلى الجولان للكشف عن الواقع المأساوي الذي يعيشه الأهل
حتى المواشي، أخضعتها إسرائيل لقرارات حظر التجول، ولم تتّردد من تصويب بنادقها على الرعاة الذين لم يلتزموا به.
راح الوضع يزداد سوءا في الهضبة يوماً بعد يوم، وأخذت إسرائيل تـَتَفَنن في ابتكار وسائل الإرهاب والقمع، فزجت بعدد كبير من جنودها في شوارع القرى، وكإجراء تخويفي آخر استقدمت قوات العدو عدداً من المجنزرات الحربية، التي راحت تجوب الشوارع ليلاً نهاراً، في محاولة لدب الرعب في قلوب الأهالي.
وفي هذه الفترة، تمكن عدد من الشبان من تهريب بعض الرسائل التي تشرح واقعهم الصعب، ما دفع العديد من الإسرائيليين إلى الاحتجاج أمام مكتب رئيس الحكومة، وتنظيم مظاهرات في القرى والمدن العربية في إسرائيل. كذلك قام عدد من المحامين العرب واليهود بجهود جبارة لإيصال صوت أحرار الجولان إلى الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية والإنسانية.
وإثر تدهور الأوضاع في الجولان، توجه أربعة نواب من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة إلى قرى الجولان للاطلاع على أوضاعهم عن كثب، لكن قوات الجيش منعتهم من دخولها، ما حدا بهم إلى إصدار مذكرة إلى الرأي العام الإسرائيلي والعالمي، وصفوا فيها حقيقة ما يجري في الجولان.
عقب تلك الحادثة أدانت صحيفة هآرتس في افتتاحيتها بتاريخ 15/ 3 /1982 ممارسات إسرائيل في الجولان، ومثلها فعلت دافار وعل همشمار.[15] في الإطار نفسه، أحكمت إسرائيل حصارها، وكان حليب الأطفال نفذ، والأمراض تفشت حتى بلغ عدد الأطفال المصابين بالحصبة حسب بعض الإحصائيات 40% من مجموع من تقل أعمارهم عن 14 عاماً.
في هذه الأثناء، راح عدد من الجنود الإسرائيليين يجوبون القرى، معلنين عبر مكبرات الصوت أن كل من لا يتقدم بطلب الحصول على الهوية الإسرائيلية حتى 1 نيسان من العام نفسه، سيقدم إلى المحاكمة ويغرم بمبالغ طائلة.
وبتاريخ 17/ 3 / 1982، استيقظ أهالي مجدل شمس على أصوات ألوف السوريين الذين احتشدوا على الجانب الشرقي لخط وقف إطلاق النار. فاندفع سكان القرى لملاقاتهم من خلف الأسلاك الشائكة وحقول الألغام، مما دفع بخمسمائة جندي إسرائيلي مدججين بالسلاح إلى تفريقهم بالقوة.
استمر هذا الوضع بالتأزم حتى تاريخ 31/ 3 / 1982، حيث استقدمت إسرائيل باستقدام حوالي 16 ألف جندي إلى قرى الهضبة، فمقابل كل طفل أو سيدة أو شيخ كان هناك جندي إسرائيلي مدجج بالسلاح ويزيد، معززين بعدد كبير من المجنزرات والحافلات العسكرية، مدعمين بالحوامات. عُزلت قرى الجولان تماماً عن العالم الخارجي، وحوصر أهلها في خلوة مجدل شمس ومحيطها، حيث حضر آرييل شارون وزير الحرب وقائد المنطقة الشمالية أمير دروري، وهددا بقصف الخلوة ومحيطها بمن فيهما.
وفي صباح 1/4/ 1982 أحكم تطبيق الحصار، وتوزع عدد من الجنود على أسطح المنازل، ومنع الأهالي من مغادرة بيوتهم أو حتى فتح ستائر نوافذهم. ثم انطلقت قوات الجيش الإسرائيلي على شكل مجموعات، كل منها تتألف من حوالي 15 جنديا، دخلوا إلى كل بيت في القرى الأربع.
راح الجنود يدخلون المنازل مستخدمين الحوار والطرق الدبلوماسية بادئاً، لإقناع الأهالي بتسلم الهويات التي أعدت لهم مسبقاً، وما إن يرفضونها، حتى ينهال الجنود عليهم بالضرب بأعقاب بنادقهم، ثم اعتقال من يقاوم بطشهم. حولت إسرائيل المدارس إلى معتقلات، بعد أن خرب الجنود أثاثها، ولجأت إلى أساليب تعذيب بدائية وحشية، إضافة لإطلاق النار على البعض، والذي أدى لإصابات بالغة الخطورة
استمرت هذه الحملة ثلاثة أيام متواصلة، بتغطية ودعم كاملين من الإذاعة والتلفزة في إسرائيل، والتي حاولت عبثاً تسميم نفوس المواطنين، تارةً بالإعلان أن وجهاء الهضبة وكبار الشخصيات الوطنية فيها استلموا الهويات الإسرائيلية، وما على المواطنين إلا قبولها، وتارة أخرى بالتهديد وإطلاق الويلات على السكان بهدف الضغط والتخويف.
فُك الحصار بعدها، وكانت النتيجة فشل القوات الإسرائيلية بكل وسائل الترغيب والقوة والتهديد وإطلاق الرصاص بتوزيع الهوية الإسرائيلية على السكان. وبعد فك الحصار، احتشد الأهالي في ساحات القرى الأربع، جامعين الهويات التي تركها الجنود خلفهم في الشوارع والأرصفة والأزقة، وأمام أعين الجنود وعدسات الصحفيين، داسوها بأرجلهم وحرقوا بعضها، وتم وضع بعضها الآخر في صناديق، ثم أرسلوها إلى رئيس وزراء إسرائيل، مناحم بيغن في ديوانه.
نتيجة ما تقدم، تكون إسرائيل فشلت في كسر شوكة الإضراب وإرغام المواطنين على استلام هوياتها. ومن جديد، عادت المظاهرات والمسيرات تجوب شوارع القرى، معلنة رفضها للاحتلال، وعازمة على الاستمرار في الرفض حتى تتراجع حكومة بيغن عن تشريعها.
وإلى يومه الأخير، لم يخل يوم واحد من أيام الإضراب دون مظاهرات واشتباكات مع القوات المحتلة، لكن في مقابل ذلك كانت الأمراض استفحلت، والمواد التموينية تلاشت، والأوضاع على كافة الأصعدة تدهورت حتى وصلت إلى حد غير معقول.
كانت إسرائيل من جهتها، اعترفت للملأ بفشلها الذريع في تحقيق مخططها في الهضبة السورية المحتلة، فلا ضم الجولان تحقق، ولا نجحت بفرض الجنسية الإسرائيلية والخدمة الإلزامية على سكانها. مما دعاها إلى التيقن باستحالة تطبيق إجراءاتها بكل ما تملك.
وهكذا، اقتربت نهاية الإضراب بعد أن حقق معظم أهدافه، فدخل الأهالي في مفاوضات مع سلطات الاحتلال عبر وسطاء عرب وفلسطينيين، بهدف الوصول إلى حل مقبول ينسجم مع متطلبات السكان، توصل الجانبان فيها إلى فك الإضراب في 20/7/ 1982 بعد دخول إسرائيل في حرب فاشلة قادتها ضد لبنان، وحصدت نتيجتها ومُر آثامها.
ورداً على ذلك، عقد سكان الهضبة اجتماعاً في خلوة مجدل شمس، قرروا خلاله إعلان إضرابهم المفتوح والشامل في 14/2/1982. صحيفة هآرس الإسرائيلية، كتبت في افتتاحيتها بعد يومين: يخطئ من يعتقد أنه بالاعتقال وغيره من ممارسة سياسة اليد الحديدية، يمكن إخماد مقاومة سكان الجولان.[12] أما صحيفة عل همشمار، كتبت في اليوم نفسه: ربما تفلح سياسة اليد الحديدية في كسر الإضراب وملء السجون، لكنها لن تزيد من التأييد لإسرائيل.[13]
إن إعلان الإضراب، جاء ضربة قاسية لإسرائيل وغير متوقعة، فمواطنو الجولان التزموا بالقرار الشعبي بشكل تام، حيث أغلقت المحلات التجارية، وتوقف المزارعون عن أعمالهم، وأغلقت المدارس أبوابها، ولم يذهب العمال إلى أماكن عملهم، ما دعا إسرائيل إلى فصل العاملين وحرمانهم من كل حقوقهم. كما ألغت المقابلات مع الأقارب في سوريا، والتي كانت تتم في المنطقة المعزولة السلاح، التي تبعد أمتار قليلة عن مجدل شمس، وذلك أيام الحكم العسكري للهضبة. تلا ذلك، التهديد الذي أطلقه آرييل شارون، ومردخاي تسيبوري للسكان بالطرد، إذا هم واصلوا رفض القانون الإسرائيلي. كما امتنعت العيادات التابعة لدائرة الخدمات الصحية الإسرائيلية عن استقبال أي مواطن سوري لا يحمل الجنسية الإسرائيلية.
أدى هذا التصعيد الإسرائيلي إلى زيادة نقمة الأهالي، ما حدا بإسرائيل للجوء إلى دفع عضو الكنيست الليكودي المتشدد، أمل نصر الدين للقيام بوساطة لدى السكان لردم الهوة بين الطرفين، وجاء رد أهالي الجولان بأنهم يرفضون حتى مجرد أستقباله، أو وجوده على أرضهم. أرسلت وزارة الحرب بعدها ممثلاً عنها بتاريخ 20/2/1982 لحث الأهالي على قبول الجنسية الإسرائيلية، والتأكيد أن إسرائيل لن تجبرهم على أن يكونوا صهاينة، وإنما مواطنين مسالمين وحسب.
جاء الرد الشعبي حاسماً، رافضاً لاستلام الجنسية، وطالب الأهالي المندوب الإسرائيلي بإطلاق سراح المعتقلين، ولم شمل العائلات على جانبي خط وقف إطلاق النار، وطالبوا من خلاله وزير الحربية شارون، التعهد بشكل مكتوب بعدم إلزام أبناء الجولان بالخدمة بصفوف جيشه.[14]
بعد فشل الوسيط السالف الذكر، زار الجنرال أمير دروري قائد المنطقة الشمالية قرى الجولان، طالباً من الأهالي فك الإضراب، محذراً ومؤكداً أن قرار حمل الجنسية الإسرائيلية لا يحتمل التأويل، مضيفاً أن إسرائيل وحدها هي من يقرر، وأن على السكان الطاعة والالتزام، مهدداً أنه سيتم ترحيل كل من يرفض الجنسية الإسرائيلية إلى داخل الأراضي السورية.
لم تلق محاولة دروري الأخيرة حظاً أوفر من سالفتها، ما دفع قوات الاحتلال إلى إغلاق القرى الأربع بقرار عسكري، وفرض حصار خانق على السكان، تم خلاله قطع الصلة بين القرى الأربع، ومنع الدخول إليها أو الخروج منها. كما قلصت المياه، وقطع التيار الكهربائي، وفرضت السلطات حظراً على وصول المواد الغذائية. مما دفع السوريين لإرسال قوافل محملة بالمواد الغذائية والأدوية إلى المنطقة المعزولة السلاح، المحاذية لبلدة مجدل شمس في 26/2/1982، لكن الإسرائيليين رفضوا السماح لها بالدخول.
في خلال ذلك، داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي البيوت معتقلة عددا من المواطنين، ومرفقة ذلك باستعراضات عسكرية لجنودها داخل القرى، ثم حظر التجول على سكانها، ومنعت الأطباء والمساعدات المقدمة من الضفة الغربية والجليل والناصرة من الوصول إلى المنطقة، كما منعت مرضى الهضبة من الخروج للعلاج خارج قراهم. إضافة إلى منعها الصحفيين من الدخول إلى الجولان للكشف عن الواقع المأساوي الذي يعيشه الأهل
حتى المواشي، أخضعتها إسرائيل لقرارات حظر التجول، ولم تتّردد من تصويب بنادقها على الرعاة الذين لم يلتزموا به.
راح الوضع يزداد سوءا في الهضبة يوماً بعد يوم، وأخذت إسرائيل تـَتَفَنن في ابتكار وسائل الإرهاب والقمع، فزجت بعدد كبير من جنودها في شوارع القرى، وكإجراء تخويفي آخر استقدمت قوات العدو عدداً من المجنزرات الحربية، التي راحت تجوب الشوارع ليلاً نهاراً، في محاولة لدب الرعب في قلوب الأهالي.
وفي هذه الفترة، تمكن عدد من الشبان من تهريب بعض الرسائل التي تشرح واقعهم الصعب، ما دفع العديد من الإسرائيليين إلى الاحتجاج أمام مكتب رئيس الحكومة، وتنظيم مظاهرات في القرى والمدن العربية في إسرائيل. كذلك قام عدد من المحامين العرب واليهود بجهود جبارة لإيصال صوت أحرار الجولان إلى الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية والإنسانية.
وإثر تدهور الأوضاع في الجولان، توجه أربعة نواب من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة إلى قرى الجولان للاطلاع على أوضاعهم عن كثب، لكن قوات الجيش منعتهم من دخولها، ما حدا بهم إلى إصدار مذكرة إلى الرأي العام الإسرائيلي والعالمي، وصفوا فيها حقيقة ما يجري في الجولان.
عقب تلك الحادثة أدانت صحيفة هآرتس في افتتاحيتها بتاريخ 15/ 3 /1982 ممارسات إسرائيل في الجولان، ومثلها فعلت دافار وعل همشمار.[15] في الإطار نفسه، أحكمت إسرائيل حصارها، وكان حليب الأطفال نفذ، والأمراض تفشت حتى بلغ عدد الأطفال المصابين بالحصبة حسب بعض الإحصائيات 40% من مجموع من تقل أعمارهم عن 14 عاماً.
في هذه الأثناء، راح عدد من الجنود الإسرائيليين يجوبون القرى، معلنين عبر مكبرات الصوت أن كل من لا يتقدم بطلب الحصول على الهوية الإسرائيلية حتى 1 نيسان من العام نفسه، سيقدم إلى المحاكمة ويغرم بمبالغ طائلة.
وبتاريخ 17/ 3 / 1982، استيقظ أهالي مجدل شمس على أصوات ألوف السوريين الذين احتشدوا على الجانب الشرقي لخط وقف إطلاق النار. فاندفع سكان القرى لملاقاتهم من خلف الأسلاك الشائكة وحقول الألغام، مما دفع بخمسمائة جندي إسرائيلي مدججين بالسلاح إلى تفريقهم بالقوة.
استمر هذا الوضع بالتأزم حتى تاريخ 31/ 3 / 1982، حيث استقدمت إسرائيل باستقدام حوالي 16 ألف جندي إلى قرى الهضبة، فمقابل كل طفل أو سيدة أو شيخ كان هناك جندي إسرائيلي مدجج بالسلاح ويزيد، معززين بعدد كبير من المجنزرات والحافلات العسكرية، مدعمين بالحوامات. عُزلت قرى الجولان تماماً عن العالم الخارجي، وحوصر أهلها في خلوة مجدل شمس ومحيطها، حيث حضر آرييل شارون وزير الحرب وقائد المنطقة الشمالية أمير دروري، وهددا بقصف الخلوة ومحيطها بمن فيهما.
وفي صباح 1/4/ 1982 أحكم تطبيق الحصار، وتوزع عدد من الجنود على أسطح المنازل، ومنع الأهالي من مغادرة بيوتهم أو حتى فتح ستائر نوافذهم. ثم انطلقت قوات الجيش الإسرائيلي على شكل مجموعات، كل منها تتألف من حوالي 15 جنديا، دخلوا إلى كل بيت في القرى الأربع.
راح الجنود يدخلون المنازل مستخدمين الحوار والطرق الدبلوماسية بادئاً، لإقناع الأهالي بتسلم الهويات التي أعدت لهم مسبقاً، وما إن يرفضونها، حتى ينهال الجنود عليهم بالضرب بأعقاب بنادقهم، ثم اعتقال من يقاوم بطشهم. حولت إسرائيل المدارس إلى معتقلات، بعد أن خرب الجنود أثاثها، ولجأت إلى أساليب تعذيب بدائية وحشية، إضافة لإطلاق النار على البعض، والذي أدى لإصابات بالغة الخطورة
استمرت هذه الحملة ثلاثة أيام متواصلة، بتغطية ودعم كاملين من الإذاعة والتلفزة في إسرائيل، والتي حاولت عبثاً تسميم نفوس المواطنين، تارةً بالإعلان أن وجهاء الهضبة وكبار الشخصيات الوطنية فيها استلموا الهويات الإسرائيلية، وما على المواطنين إلا قبولها، وتارة أخرى بالتهديد وإطلاق الويلات على السكان بهدف الضغط والتخويف.
فُك الحصار بعدها، وكانت النتيجة فشل القوات الإسرائيلية بكل وسائل الترغيب والقوة والتهديد وإطلاق الرصاص بتوزيع الهوية الإسرائيلية على السكان. وبعد فك الحصار، احتشد الأهالي في ساحات القرى الأربع، جامعين الهويات التي تركها الجنود خلفهم في الشوارع والأرصفة والأزقة، وأمام أعين الجنود وعدسات الصحفيين، داسوها بأرجلهم وحرقوا بعضها، وتم وضع بعضها الآخر في صناديق، ثم أرسلوها إلى رئيس وزراء إسرائيل، مناحم بيغن في ديوانه.
نتيجة ما تقدم، تكون إسرائيل فشلت في كسر شوكة الإضراب وإرغام المواطنين على استلام هوياتها. ومن جديد، عادت المظاهرات والمسيرات تجوب شوارع القرى، معلنة رفضها للاحتلال، وعازمة على الاستمرار في الرفض حتى تتراجع حكومة بيغن عن تشريعها.
وإلى يومه الأخير، لم يخل يوم واحد من أيام الإضراب دون مظاهرات واشتباكات مع القوات المحتلة، لكن في مقابل ذلك كانت الأمراض استفحلت، والمواد التموينية تلاشت، والأوضاع على كافة الأصعدة تدهورت حتى وصلت إلى حد غير معقول.
كانت إسرائيل من جهتها، اعترفت للملأ بفشلها الذريع في تحقيق مخططها في الهضبة السورية المحتلة، فلا ضم الجولان تحقق، ولا نجحت بفرض الجنسية الإسرائيلية والخدمة الإلزامية على سكانها. مما دعاها إلى التيقن باستحالة تطبيق إجراءاتها بكل ما تملك.
وهكذا، اقتربت نهاية الإضراب بعد أن حقق معظم أهدافه، فدخل الأهالي في مفاوضات مع سلطات الاحتلال عبر وسطاء عرب وفلسطينيين، بهدف الوصول إلى حل مقبول ينسجم مع متطلبات السكان، توصل الجانبان فيها إلى فك الإضراب في 20/7/ 1982 بعد دخول إسرائيل في حرب فاشلة قادتها ضد لبنان، وحصدت نتيجتها ومُر آثامها.
السبت يناير 15, 2011 3:04 am من طرف غسان أبوراس
» هكذا فصولكِ الاربعه
الجمعة ديسمبر 31, 2010 1:22 pm من طرف عاشقة الورد
» كل الشكر للوموي
الأربعاء يوليو 28, 2010 4:06 pm من طرف الوموي
» اتمنى ان اتعرف عليكم
الثلاثاء يوليو 27, 2010 7:01 pm من طرف وسيم ابوكرم
» عاطف دنون الحمدلله على السلامه
الثلاثاء يوليو 27, 2010 6:32 pm من طرف وسيم ابوكرم
» كلمة شكر
الأحد يوليو 11, 2010 1:11 am من طرف ابوعمر
» ايها المغتربون استمتعو حيث انتم
الأربعاء يوليو 07, 2010 7:55 pm من طرف ابو يوسف
» خربشات إمرأة...ا
الخميس يوليو 01, 2010 1:31 am من طرف غسان أبوراس
» سويداء الوطن ... يرى النور
الثلاثاء يونيو 29, 2010 12:01 pm من طرف سيسو
» اعتذار عن خلل فني
السبت يونيو 12, 2010 7:32 pm من طرف الوموي
» هل نستطيع سلق بيضه بالموبايل
الثلاثاء يونيو 01, 2010 11:34 am من طرف الوموي
» صور لا تراها إلاّ في مصر
الثلاثاء يونيو 01, 2010 11:21 am من طرف الوموي
» نطرح للنقاش : ماذا تفعل عندما تشتاق لاشخاص لم يعد لهم وجود في حياتك
الإثنين مايو 31, 2010 9:43 am من طرف عماد أبو لطيف
» عذرا انه حلم
الإثنين مايو 31, 2010 9:30 am من طرف عماد أبو لطيف
» عذب الكلام
الخميس مايو 27, 2010 7:33 am من طرف عنب الجبل
» عمل تخريبي في أحد الأراضي المزروعة تفاح في بقعاثا
الأربعاء مايو 26, 2010 10:44 pm من طرف عفاف
» اخراج ... ابو عجاج
الأربعاء مايو 26, 2010 5:23 pm من طرف سيف بن ذي يزن
» Q & A
الأربعاء مايو 26, 2010 5:10 pm من طرف سيف بن ذي يزن
» مني مثل ومنك مثل..
الأربعاء مايو 26, 2010 4:53 pm من طرف سيف بن ذي يزن
» لنبق متألقين دوماً
الثلاثاء مايو 25, 2010 10:50 am من طرف غسان أبوراس