نظرية التطور - الجزء الثاني
( ولادة نظرية التطور )
فى عام 1831م بدأ شارلز دارون رحلة الخمس سنوات كباحث وجامع بيانات علمية عن الأحياء,
على متن ( السفينة بيجل ) التابعة للملكية البريطانية.
ذهبت السفينة بيجل عبر الأطلسى إلى شواطئ أمريكا الجنوبية , وإلى جزر جالاباجوس فى المحيط الهادى, ورأس الرجاء الصالح وإستراليا.
قام دارون بالتركيز على جمع عينات الحيوانات والطيور الحية , وبقايا الأحياء المتحجرة
فى الأماكن التى كانت تقف فيها السفينة بيجل.
كان دارون يقوم بتشريح بعض هذه الكائنات وتحنيط البعض الآخر , بعد تسجيل بيناتها بدقة
حتى كادت السفينة تمتلئ بالعينات التى قام بجمعها.
فى أمريكا الجنوبية, كان دارون مندهشا للشبه الكبير بين حيوان "المدرع" الحى,
والبقايا الحجرية المكتشفة لنفس الحيوان . الفرق الوحيد هو أن الحيوان القديم كان أكبر حجما.
هذا التشابه لم يكن وليد الصدفة كما كان يعتقد دارون .
لاحظ دارون أيضا, أن بعض أنواع النعام كانت تظهر لتستبدل أنواعا منقرضة بالتدريج . كل نوع يختلف بعض الشئ عن النوع السابق له ، النعام المنقرض يختلف عن فصيل النعام الحية, بسبب جغرافية المكان وظروف عزله عن باقى الأماكن . كما لاحظ أيضا أن مناقير العصافير على جزر الجالاباجوس , يناسب كل منها نوع الغذاء المتوافر له .
تأكد دارون من صحة نظرية عالم الجيولوجيا ( ليل ) فى التغير الجيولوجى المنتظم . ولاحظ دارون أن التغير الجيولوجى , يلازمه تغير فى صفات الكائنات الحية ، لكى تبقى هذه الكائنات حية, كان عليها أن تتأقلم لكى توائم ظروف البيئة الجديدة.
الحياة على سطح الأرض, عبارة عن عملية خلق مستمرة بدأت مع نشوء أول خلية حية, ومستمرة حتى اليوم عملية الخلق عبارة عن كتاب مفتوح لم يقفل بعد.
إذا كانت القشرة الأرضية قد تعرضت إلى هذه التغيرات الكبيرة تدريجيا, كما يقول( ليل) , فليس مستغربا أن تكون الكائنات قد طرأ عليها تغيرات كبيرة هى الأخرى . تغيرات موازية لما حدث للقشرة الأرضية. هذه الكائنات إن لم تتغير, فسوف تفنى ، وتصبح الأرض بلقعا تصفر فيها الرياح .
الكائنات الغير قادرة على التكيف والمواءمة , تنقرض لتحل محلها كائنات جديدة قادرة.
تغير الكائنات عند دارون يشبه فى الشكل فقط تغير الكائنات عند( لامارك) . كلاهما يقول أن الكائن يتأثر بالبيئة الموجود بها. لكن هناك فرق كبير بين سبب التغير عند لامارك, وسبب التغير عند دارون؟
لنأخذ طول عنق الزرافة كمثال . يقول لامارك أن كل الزراف له نفس الصفات لأنها نفس النوع . داخل كل زرافة, نزعة للتحول إلى زرافة أفضل . إذا وُجد الزراف فى مكان به أشجار عالية , فإن الفرد منها يظل يمد عنقه لكى يصل إلى أوراق الشجر العالية , طلبا للغذاء. محاولات الوصول إلى الأوراق العالية, تجعل الزرافة تكتسب بعض الطول فى عنقها . ثم تقوم بتوريث هذه الميزة الجديدة المكتسبة إلى الجيل التالى . هذا يعنى أن الفرد قادر على التغير التدريجى بنفسه.
لكن دارون يرى شيئا مختلفا . كان هناك فصائل, داخل النوع الواحد من الزراف, مختلفة الأحجام وطول الرقبة . وجدت فى مكان منعزل به أشجار عالية وأشجار منخفضة ومتوسطة الطول , فى وقت جفاف غير عادى لم تهطل فيه الأمطار . هذا يحدث بصفة مستمرة فى الجزر مثلا.
الأشجار المنخفضة والمتوسطة فى متناول جميع الحيوانات . لذلك نضبت أوراقها بسرعة أولا . ولأن المكان منعزل وليس هناك مطر لعدة سنوات , لم يبق سوى الأشجار العالية ، الزرافات القصيرة والمتوسطة العنق لم تجد ما تأكله , فماتت وانقرضت . الزرافات الضخمة طويلة العنق إستطاعت أن تصل إلى الأوراق وعاشت و بالتالي جاءت الأجيال الجديدة ضخمة الجسم طويلة الرقبة .
هنا التغير لا يحدث بالنسبة للفرد كما يقول لامارك . الفرد ثابت لا يتغير عند دارون . لكن التغير يحدث للنوع ككل . التغير يحدث بالإختيار الطبيعى لا برغبة الفرد . الصفاة المكتسبة لا تورث بعكس ما يقوله لامارك .
بطل كمال الأجسام, لا يورث عضلاته.
كان على داروين أن يجيب على أسئلة مثل: ما هى القوى التى تدفع التغيير؟ وكيف يوجه التغيير فى إتجاه معين؟ وكيف تظهر أنواع جديدة من الكائنات؟ وما يضمن تلاؤمها مع البيئة؟
قام دارون بدراسة عمليات التهجين الصناعى التى يقوم بها المربيون للخيول والكلاب والحمام وغيرها من الحيوانات . عملية التهجين الصناعى تقوم بمزج السلالات المختلفة عن طريق التزاوج , لإنتاج سلالات أفضل وأحسن ولها خواص معينة. كل ما على المربى عمله, هو التعرف على خاصية مميزة فى الحيوان عندما تظهر . ثم عزل هذه الحيوانات ذات الخاصية المميزة للتزاوج فيما بينها . وبذلك يحصل على سلالات قوية أو مميزة.
هذه العملية تعتمد على إرادة المربى .
لكن فى الطبيعة, ليس هناك مربى يقوم بالإختيار والعزل . يوجد فقط التنافس . وهى قوة عمياء ليس لها قلب . تقوم بطريقة أوتوماتيكية بإبادة العاجز والضعيف ومن لا يصلح للمواءمة للظروف الجديدة .
و هذا هو مبدأ الانتخاب الطبيعي و البقاء للأصلح .
بحلول شتاء عام 1838م كانت لديه كل المواد الخام اللازمة لنظريته فى التطور .
والتى يمكن أن نلخصها فى الآتى:
- القشرة الأرضية تمر بتغيرات مستمرة بطيئة. والكائنات عليها أن توائم هذه التغيرات
لكى تبقى على قيد الحياة , وإلا تنقرض.
- الطبيعة تمد الكائنات بهبات وصفات وراثية غير محدودة عن طريق التنوع والتزاوج.
- إنتاج الغذاء المحدود بالنسبة لتزايد الكائنات, ينتج عنه صراع غير محدود بين الكائنات.
- الأنواع الجديدة تنشأ بسبب العزلة. والأنواع المختلفة لا يحدث التزاوج بينها.
هذا بالضبط ما تقوله نظرية التطور. عمليات خلق وإنقراض مستمرة بسبب تغير البيئة والمناخ .
خلق أنواع جديدة قادرة على الحياة , وإنقراض أنواع تالدة غير قادرة على المواءمة للظروف الجديدة .
هذا ما قد حدث فى الماضى ويحدث كل يوم وفى كل مكان على سطح الكرة الارضية .
عندما بلغ دارون سن الثلاثين , كان لديه أساسيات نظرية كاملة للنشر عام 1839م .
لكن مضى عشرون عاما قبل أن ينشر دارون نظريته التى شرحها فى كتابه أصل الأنواع عام 1859م.
ما سبب تأجيل نشر دارون لنظريته وما تأثير هذه النظرية على العامة و الأوساط العلمية ؟
هذا ما سوف نناقشه فى المقال القادم .
( ولادة نظرية التطور )
فى عام 1831م بدأ شارلز دارون رحلة الخمس سنوات كباحث وجامع بيانات علمية عن الأحياء,
على متن ( السفينة بيجل ) التابعة للملكية البريطانية.
ذهبت السفينة بيجل عبر الأطلسى إلى شواطئ أمريكا الجنوبية , وإلى جزر جالاباجوس فى المحيط الهادى, ورأس الرجاء الصالح وإستراليا.
قام دارون بالتركيز على جمع عينات الحيوانات والطيور الحية , وبقايا الأحياء المتحجرة
فى الأماكن التى كانت تقف فيها السفينة بيجل.
كان دارون يقوم بتشريح بعض هذه الكائنات وتحنيط البعض الآخر , بعد تسجيل بيناتها بدقة
حتى كادت السفينة تمتلئ بالعينات التى قام بجمعها.
فى أمريكا الجنوبية, كان دارون مندهشا للشبه الكبير بين حيوان "المدرع" الحى,
والبقايا الحجرية المكتشفة لنفس الحيوان . الفرق الوحيد هو أن الحيوان القديم كان أكبر حجما.
هذا التشابه لم يكن وليد الصدفة كما كان يعتقد دارون .
لاحظ دارون أيضا, أن بعض أنواع النعام كانت تظهر لتستبدل أنواعا منقرضة بالتدريج . كل نوع يختلف بعض الشئ عن النوع السابق له ، النعام المنقرض يختلف عن فصيل النعام الحية, بسبب جغرافية المكان وظروف عزله عن باقى الأماكن . كما لاحظ أيضا أن مناقير العصافير على جزر الجالاباجوس , يناسب كل منها نوع الغذاء المتوافر له .
تأكد دارون من صحة نظرية عالم الجيولوجيا ( ليل ) فى التغير الجيولوجى المنتظم . ولاحظ دارون أن التغير الجيولوجى , يلازمه تغير فى صفات الكائنات الحية ، لكى تبقى هذه الكائنات حية, كان عليها أن تتأقلم لكى توائم ظروف البيئة الجديدة.
الحياة على سطح الأرض, عبارة عن عملية خلق مستمرة بدأت مع نشوء أول خلية حية, ومستمرة حتى اليوم عملية الخلق عبارة عن كتاب مفتوح لم يقفل بعد.
إذا كانت القشرة الأرضية قد تعرضت إلى هذه التغيرات الكبيرة تدريجيا, كما يقول( ليل) , فليس مستغربا أن تكون الكائنات قد طرأ عليها تغيرات كبيرة هى الأخرى . تغيرات موازية لما حدث للقشرة الأرضية. هذه الكائنات إن لم تتغير, فسوف تفنى ، وتصبح الأرض بلقعا تصفر فيها الرياح .
الكائنات الغير قادرة على التكيف والمواءمة , تنقرض لتحل محلها كائنات جديدة قادرة.
تغير الكائنات عند دارون يشبه فى الشكل فقط تغير الكائنات عند( لامارك) . كلاهما يقول أن الكائن يتأثر بالبيئة الموجود بها. لكن هناك فرق كبير بين سبب التغير عند لامارك, وسبب التغير عند دارون؟
لنأخذ طول عنق الزرافة كمثال . يقول لامارك أن كل الزراف له نفس الصفات لأنها نفس النوع . داخل كل زرافة, نزعة للتحول إلى زرافة أفضل . إذا وُجد الزراف فى مكان به أشجار عالية , فإن الفرد منها يظل يمد عنقه لكى يصل إلى أوراق الشجر العالية , طلبا للغذاء. محاولات الوصول إلى الأوراق العالية, تجعل الزرافة تكتسب بعض الطول فى عنقها . ثم تقوم بتوريث هذه الميزة الجديدة المكتسبة إلى الجيل التالى . هذا يعنى أن الفرد قادر على التغير التدريجى بنفسه.
لكن دارون يرى شيئا مختلفا . كان هناك فصائل, داخل النوع الواحد من الزراف, مختلفة الأحجام وطول الرقبة . وجدت فى مكان منعزل به أشجار عالية وأشجار منخفضة ومتوسطة الطول , فى وقت جفاف غير عادى لم تهطل فيه الأمطار . هذا يحدث بصفة مستمرة فى الجزر مثلا.
الأشجار المنخفضة والمتوسطة فى متناول جميع الحيوانات . لذلك نضبت أوراقها بسرعة أولا . ولأن المكان منعزل وليس هناك مطر لعدة سنوات , لم يبق سوى الأشجار العالية ، الزرافات القصيرة والمتوسطة العنق لم تجد ما تأكله , فماتت وانقرضت . الزرافات الضخمة طويلة العنق إستطاعت أن تصل إلى الأوراق وعاشت و بالتالي جاءت الأجيال الجديدة ضخمة الجسم طويلة الرقبة .
هنا التغير لا يحدث بالنسبة للفرد كما يقول لامارك . الفرد ثابت لا يتغير عند دارون . لكن التغير يحدث للنوع ككل . التغير يحدث بالإختيار الطبيعى لا برغبة الفرد . الصفاة المكتسبة لا تورث بعكس ما يقوله لامارك .
بطل كمال الأجسام, لا يورث عضلاته.
كان على داروين أن يجيب على أسئلة مثل: ما هى القوى التى تدفع التغيير؟ وكيف يوجه التغيير فى إتجاه معين؟ وكيف تظهر أنواع جديدة من الكائنات؟ وما يضمن تلاؤمها مع البيئة؟
قام دارون بدراسة عمليات التهجين الصناعى التى يقوم بها المربيون للخيول والكلاب والحمام وغيرها من الحيوانات . عملية التهجين الصناعى تقوم بمزج السلالات المختلفة عن طريق التزاوج , لإنتاج سلالات أفضل وأحسن ولها خواص معينة. كل ما على المربى عمله, هو التعرف على خاصية مميزة فى الحيوان عندما تظهر . ثم عزل هذه الحيوانات ذات الخاصية المميزة للتزاوج فيما بينها . وبذلك يحصل على سلالات قوية أو مميزة.
هذه العملية تعتمد على إرادة المربى .
لكن فى الطبيعة, ليس هناك مربى يقوم بالإختيار والعزل . يوجد فقط التنافس . وهى قوة عمياء ليس لها قلب . تقوم بطريقة أوتوماتيكية بإبادة العاجز والضعيف ومن لا يصلح للمواءمة للظروف الجديدة .
و هذا هو مبدأ الانتخاب الطبيعي و البقاء للأصلح .
بحلول شتاء عام 1838م كانت لديه كل المواد الخام اللازمة لنظريته فى التطور .
والتى يمكن أن نلخصها فى الآتى:
- القشرة الأرضية تمر بتغيرات مستمرة بطيئة. والكائنات عليها أن توائم هذه التغيرات
لكى تبقى على قيد الحياة , وإلا تنقرض.
- الطبيعة تمد الكائنات بهبات وصفات وراثية غير محدودة عن طريق التنوع والتزاوج.
- إنتاج الغذاء المحدود بالنسبة لتزايد الكائنات, ينتج عنه صراع غير محدود بين الكائنات.
- الأنواع الجديدة تنشأ بسبب العزلة. والأنواع المختلفة لا يحدث التزاوج بينها.
هذا بالضبط ما تقوله نظرية التطور. عمليات خلق وإنقراض مستمرة بسبب تغير البيئة والمناخ .
خلق أنواع جديدة قادرة على الحياة , وإنقراض أنواع تالدة غير قادرة على المواءمة للظروف الجديدة .
هذا ما قد حدث فى الماضى ويحدث كل يوم وفى كل مكان على سطح الكرة الارضية .
عندما بلغ دارون سن الثلاثين , كان لديه أساسيات نظرية كاملة للنشر عام 1839م .
لكن مضى عشرون عاما قبل أن ينشر دارون نظريته التى شرحها فى كتابه أصل الأنواع عام 1859م.
ما سبب تأجيل نشر دارون لنظريته وما تأثير هذه النظرية على العامة و الأوساط العلمية ؟
هذا ما سوف نناقشه فى المقال القادم .
السبت يناير 15, 2011 3:04 am من طرف غسان أبوراس
» هكذا فصولكِ الاربعه
الجمعة ديسمبر 31, 2010 1:22 pm من طرف عاشقة الورد
» كل الشكر للوموي
الأربعاء يوليو 28, 2010 4:06 pm من طرف الوموي
» اتمنى ان اتعرف عليكم
الثلاثاء يوليو 27, 2010 7:01 pm من طرف وسيم ابوكرم
» عاطف دنون الحمدلله على السلامه
الثلاثاء يوليو 27, 2010 6:32 pm من طرف وسيم ابوكرم
» كلمة شكر
الأحد يوليو 11, 2010 1:11 am من طرف ابوعمر
» ايها المغتربون استمتعو حيث انتم
الأربعاء يوليو 07, 2010 7:55 pm من طرف ابو يوسف
» خربشات إمرأة...ا
الخميس يوليو 01, 2010 1:31 am من طرف غسان أبوراس
» سويداء الوطن ... يرى النور
الثلاثاء يونيو 29, 2010 12:01 pm من طرف سيسو
» اعتذار عن خلل فني
السبت يونيو 12, 2010 7:32 pm من طرف الوموي
» هل نستطيع سلق بيضه بالموبايل
الثلاثاء يونيو 01, 2010 11:34 am من طرف الوموي
» صور لا تراها إلاّ في مصر
الثلاثاء يونيو 01, 2010 11:21 am من طرف الوموي
» نطرح للنقاش : ماذا تفعل عندما تشتاق لاشخاص لم يعد لهم وجود في حياتك
الإثنين مايو 31, 2010 9:43 am من طرف عماد أبو لطيف
» عذرا انه حلم
الإثنين مايو 31, 2010 9:30 am من طرف عماد أبو لطيف
» عذب الكلام
الخميس مايو 27, 2010 7:33 am من طرف عنب الجبل
» عمل تخريبي في أحد الأراضي المزروعة تفاح في بقعاثا
الأربعاء مايو 26, 2010 10:44 pm من طرف عفاف
» اخراج ... ابو عجاج
الأربعاء مايو 26, 2010 5:23 pm من طرف سيف بن ذي يزن
» Q & A
الأربعاء مايو 26, 2010 5:10 pm من طرف سيف بن ذي يزن
» مني مثل ومنك مثل..
الأربعاء مايو 26, 2010 4:53 pm من طرف سيف بن ذي يزن
» لنبق متألقين دوماً
الثلاثاء مايو 25, 2010 10:50 am من طرف غسان أبوراس