شجرة السنديان
بقلم الكبير : فيصل خليفة
شجرة السنديان ، التي تضرب جذورها عميقاً في الأرض و بغض النظر عما خفي تحتها، ترسل جذورها و لايهمها أبداً أين تموت أو ما قد تواجه. تلك السنديانة التي تفتش ، تبحث بدون كللٍ أو مللٍ عن فتات الغذاء ، تمتص بكل حذر ما يفيد من ماء، بل يصح أن نقول أنها و بجذورها القاسية تسبر كل ما في الأرض لتحوله بمصانعها الخاصة لغذاء حياة لأوراقها التي لا تعرف سوى الترف و مداعبة الرياح و اللعب مع النسائم الناعمة.
و تحت أغصانها الباسقة الممتدة بكل قوةٍ في الفضاء، تلك الأغصان التي تتشابك و تتداخل مُشكلةً السقف المنيع للبيت الذي نأوي له بكل ظروف حياتنا الحلوة ُ منها و المرةُ على السواء.
هذا هو الأب أيام زمان ، أيام كان يعيش هو بهدف واحد و يسعى لحب واحد . و بالطبع قد يقول قائل و لكن ما الفرق بين
أبٍ من أيام زمان و أبٍ من الزمن الحاضر؟ و الجواب في غاية البساطة هل تعتبر نفسك و أنت أب من هذا الزمن أكثر شقاء من أبيك؟
هل تعاني كما فعل هو؟ هل ترضى أن تحمل بين يديك ما كان يحمل لك؟ وهل تستطيع أنت أن تقف أمام نفسك معاقباً إياها لأنها لم تحمل هدية لطفل بالأصل لا يعرف كيف يعتب؟
ولماذا نتمنى لو أننا قدمنا لهم ما نملك الاّن لو كانوا على قيد الحياة؟ هل لأن تضحياتهم لنا في الزمن الغابر كانت أكبر من قدراتهم ولهذا أصبحنا نقارن قدراتنا الاّن بقدراتهم من جهة و تضحياتنا لأطفالنا و تضحياتهم لنا من جهة أخرى.
كانوا يتركونا و يجلسون في " المضافة "، يهتمون بنوعية طعام الضيف أضعاف اهتمامهم بنوعية طعامنا و لكنهم بالتأكيد كانوا يشتهون هذا الطعام لنا أكثر مما يشتهونه للضيف و هذا ما كان يجعلنا نتخلى عن طعامنا المفضل النادر لضيفٍ عابر.
قد يكون الأب هو الوحيد في الأسرة من نخافه، و هو الوحيد الذي يملك النقيضين القسوة و الحنان و هنا يحضرني مثل يقول:" يزأر الأسد و لكنه لايلتهم صغاره"فهو صاحب قلب لا يغفو إلا بعد أن تغفو قلوب الجميع....... و بالعودة لشجرة السنديان و حكمتها فهي - كما أبي بل كما كان - تمضي حياتها باحثة عن وقود الحياة لكي تقدمه للأوراقها اللاهية مع النسائم.....
صحيح كانت اهتماماتهم بما نملك من مواهب و طاقات أقل بكثير مما نهتم نحن الاّن.و لكن من منهم منع أحد أبنائه من التميز ؟ فكنا نحاول و نحن أطفال أن نلفت انتباههم، فعلمونا من حيث لا يدرون نعمة الإعتماد على الذات. أما الأن فإننا ندفعهم دفعاً ليلفتوا انتباهنا!
و لروح شجرتي التي غابت بحكم القدر سأبقى أقول:
أغرقتني بعالم
حنون, عطوف, شفوق
أطعمتني الخوف حباً
حددت الأمان بحدودك
فإذا تعديتها بت أخاف.
" أطفالي "
علمني أرجوك يا أبي
كيف أحبهم؟
كيف أجوع و أُطعم؟!!
كيف أسهر و ينامون؟!!
كيف أخاف و يأمنون؟!!
كيف يرون في أبٍ يحبون ؟
عظيمٌ عظيمٌ أنت
كيف كنت كل هذا ؟
و كنت تصنع إنسان .
************
بعد المال الذي أملك
مازلت أشتاق لأيام
كانت لي شقاء وحرمان؟
و الآن
أدركتُ بكل ذاك العناء
كنت دائماً إنسان.
و أنا و بكل هذا "جبان"
ما أفســــــــح
قبرك يا أبي؟!!!!!
و ما أضيق الزمان!!
شجرة السنديان الوارفة الظلال لا يمكن أبداً إلا أن تعطي سرها لشجرة مثلها.
السبت يناير 15, 2011 3:04 am من طرف غسان أبوراس
» هكذا فصولكِ الاربعه
الجمعة ديسمبر 31, 2010 1:22 pm من طرف عاشقة الورد
» كل الشكر للوموي
الأربعاء يوليو 28, 2010 4:06 pm من طرف الوموي
» اتمنى ان اتعرف عليكم
الثلاثاء يوليو 27, 2010 7:01 pm من طرف وسيم ابوكرم
» عاطف دنون الحمدلله على السلامه
الثلاثاء يوليو 27, 2010 6:32 pm من طرف وسيم ابوكرم
» كلمة شكر
الأحد يوليو 11, 2010 1:11 am من طرف ابوعمر
» ايها المغتربون استمتعو حيث انتم
الأربعاء يوليو 07, 2010 7:55 pm من طرف ابو يوسف
» خربشات إمرأة...ا
الخميس يوليو 01, 2010 1:31 am من طرف غسان أبوراس
» سويداء الوطن ... يرى النور
الثلاثاء يونيو 29, 2010 12:01 pm من طرف سيسو
» اعتذار عن خلل فني
السبت يونيو 12, 2010 7:32 pm من طرف الوموي
» هل نستطيع سلق بيضه بالموبايل
الثلاثاء يونيو 01, 2010 11:34 am من طرف الوموي
» صور لا تراها إلاّ في مصر
الثلاثاء يونيو 01, 2010 11:21 am من طرف الوموي
» نطرح للنقاش : ماذا تفعل عندما تشتاق لاشخاص لم يعد لهم وجود في حياتك
الإثنين مايو 31, 2010 9:43 am من طرف عماد أبو لطيف
» عذرا انه حلم
الإثنين مايو 31, 2010 9:30 am من طرف عماد أبو لطيف
» عذب الكلام
الخميس مايو 27, 2010 7:33 am من طرف عنب الجبل
» عمل تخريبي في أحد الأراضي المزروعة تفاح في بقعاثا
الأربعاء مايو 26, 2010 10:44 pm من طرف عفاف
» اخراج ... ابو عجاج
الأربعاء مايو 26, 2010 5:23 pm من طرف سيف بن ذي يزن
» Q & A
الأربعاء مايو 26, 2010 5:10 pm من طرف سيف بن ذي يزن
» مني مثل ومنك مثل..
الأربعاء مايو 26, 2010 4:53 pm من طرف سيف بن ذي يزن
» لنبق متألقين دوماً
الثلاثاء مايو 25, 2010 10:50 am من طرف غسان أبوراس