بقلم عماد بلان
. عندما سألوا أحدهم في عام 1948 ، وبعد الهزيمة ، كيف تهزمكم إسرائيل بينما أنتم سبعة جيوش عربية ؟ أجاب قائلا ً : ذلك لأننا سبعة جيوش عربية !! وكانت إجابة لم يغِب عن الإنسان العادي ما فيها من ذكاء ، وإيحاء ، وإيجاز ... بمعنى أننا كنا سبعة جيوش في ذلك العام الأسوَد .. وسبع قيادات .. وسبع استراتيجيات .. و سبع هويات .. وسبع مصالح متعارضة أو حتى متناقضة فيما بينها وبين مصالح الجماهير .. ونفس التساؤل ظلَّ علامة استفهام و تعجُّب كبيرتين في أذهان أصدقاء العرب في العالم طيلة سنوات الصراع بعد عام 1948 ولم يجدوا لها إجابات تريحهم بعد .
تُرى لو أعيد نفس السؤال ليُطرَح على ذلك المسؤول الذكي الآن .. ذلك السؤال " المِحوَر " الدائر في كل النفوس ، فهل تكون إجابته يا ترى : لأننا 22 دولة يعربية ؟ .. أو عساه يقول : لأننا ثلاثمائة وثلاثون مليون دولة ؟ ! بعدد أفراد الشعب العربي .. فكل فرد بات دولة مستقلة ، لها هويتها الخاصة ومصالحها الخاصة وأهدافها الخاصة ، وكأننا 330 مليون جزيرة صغيرة ، تفصل بينها مياه المحيطات وتقطع تواصلها ملايين الاستراتيجيات المختلفة والهويات الخاصة ، وإن الهوية الأكثر شيوعا ً ، والأكثر عمومية ً ، هوية اسمها ال " أنا " ..
.. خلال الحرب الأهلية اللبنانية ، التقى رئيس لبناني سابق بسفير الاتحاد السوفييتي ( سابقاً ) خلال حفل عشاء جمعهما ، فقال الرئيس اللبناني السابق ، وهو بالمناسبة - أمينٌ للغاية.. و .. جمَيِّل جدا ً - للسفير السوفييتي : نحن ، شعب لبنان ، يا سعادة السفير ، قد سبقناكم بتحقيق الشيوعية في بلدنا لبنان !! فتَعَجَّبَ السفير من ذلك ، وسأله : وكيف ذلك ؟؟ أجاب الرئيس الأمين بكل ثقة : أليست غاية الشيوعية هي حكم الشعب لنفسِه بِنَفسِه ؟؟ ها نحن في لبنان يا سيدي ، كل مواطن لبناني تراه دولةً مُستَقِلَّةً ويحكم نَفسَه بِنَفسِه !! فاااا شو رأيَك يا خَييي ؟؟
إن الغرب نجح في إقامة الكيان الإسرائيكي ( أكَرِّر للتأكيد : إسرائيكي ، أو أمريكائيلي ، لا فرق ) .. لأننا كنا سبعة جيوش من سبع دُول ، ولكنها استمرت وتنامت لأننا أصبحنا 330 مليون دولة !.. و ( إسرائيكا ) – في الحقيقة – ليست هي المشكلة ، بقدر ما هي نتيجة للمشكلة الحقيقية ، وظاهرة قاتلة من ظواهرها ، وإفراز سام من إفرازاتها ، وطبيعي أن الظواهر لا تستمر بعد زوال الأسباب .. أما المشكلة الحقيقية التي أفرزت كل الظواهر المَرَضية التي تعيشها المنطقة ، ومهما اختلفت مسارح عملياتها أو أشكالها .. والوجود الإسرائيكي ليس إلا أحدها ، أقول : المشكلة الحقيقية والمرض السرطاني هو هذه الهوية .. ال" أنا " ..
إن تَفَرُّق الشمل والانقسام رغم توافر عوامل الوحدة والتَوَحُّد .. والتخلف الحضاري رغم الثراء والغِنَى .. والجهل رغم الجامعات والشهادات العلمية .. والتصدع الاجتماعي رغم الأخذ بأساليب وأفكار الدول التي تُسمَّى " مُتَحَضِّرَة " .. والشقاء النفسي من قلق وإحباط ويأس رغم مظاهر البذخ والترف .. والغزو الأجنبي ممثلا ً في الكيان الصهيوني .. كل هذه ظواهر قاتلة لمشكلة واحدة هي هوية .. ال " أنا " هذه .. والتي لا شعار لها إلا " اللهم أسألك نفسي .. وليذهب الآخرون إلى الجحيم " ... عبادة ال " أنا " هي العبادة السائدة بين أفراد الأمة بغالبية مستوياتها .. ال" أنا " هي المنطلق الذي تبدأ منه أعمالهم .. وهي الهدف المنشود والغاية الحقيقية لهم ، ولكل من يدور في فلكهم .
وغالبية الذين يتصدون للقضايا المصيرية انتصاراً لرأي ٍ فيها ، لا يكون موقفهم من أجل " القِيَم " في هذه القضايا .. بقدر ما هو تعصب للذات ، وانحياز للأنا .. وبين هذه ( الأنا ) وتلك ( القيم ) تضيع قضايا الجماهير .. بسبب هذه الهوية اللعينة نجد الموسر ينفق الأموال الطائلة في بلاد الأعداء بين اللهو والمتعة ، بينما الضعفاء تحت وطأة الاحتلال ، قد لا يجدون المأوى أو كسرة الخبز الجافة .. الغالبية تجري ولا تسأل .. إلى أين ؟ وأكثرهم يجمع ولا يسأل .. ماذا بعد ؟ ومن أجل ( الأنا ) كل الوسائل مُباحة .. وبسبب ال " أنا " نراقب إعجاب كل ذي رأي برأيه .. دون أن يحاول مناقشة الرأي الآخر بشيء من الحياد والتجرد ، تعصبا ً لرأيه الذي هو جزء من ال " أنا " وبندا ً من بنود الهوية اللعينة .. وعن هذه الهوية حَدِّث ولا حرج ، فبسببها تتداعى علينا الأمم .. ونعاني ما نعاني من الضعف والذلَّة والهوان ومشكلات التخلف المُتَعَدِّدَة .. أستاذ صديق اختصر الظاهرة كما يلي عندما أبلغني : على جميع المجتمعات الإنسانية تسري المعادلة التالية: أنا+ أنا + أنا= نحن أما في تجمعنا العربي, ولا أقول مجتمعنا, فالمعادلة تصبح على الشكل التالي: أنا + أنا + أنا = 3(أنا).
.. لا أزعم انني أتيت بالجديد من تحليل في تلك الخربشات الممجوجة ، ولكني أرجوها مقدِّمَةً متواضعة ، مناسبة ، يصلح تعميمها على واقعنا اليَعرُبي المُزري ، ولَعَلَّها تصلح لإسقاطها على واقع مذهبنا التوحيدي الإسلامي – علاوة على مُعطَياتٍ أخرى – لتأكيد أن الهزيمة تبدأ أولا ً من الداخل ،،
وأرجو أن يكون للموضوع بقية إن شاء الله ..
السبت يناير 15, 2011 3:04 am من طرف غسان أبوراس
» هكذا فصولكِ الاربعه
الجمعة ديسمبر 31, 2010 1:22 pm من طرف عاشقة الورد
» كل الشكر للوموي
الأربعاء يوليو 28, 2010 4:06 pm من طرف الوموي
» اتمنى ان اتعرف عليكم
الثلاثاء يوليو 27, 2010 7:01 pm من طرف وسيم ابوكرم
» عاطف دنون الحمدلله على السلامه
الثلاثاء يوليو 27, 2010 6:32 pm من طرف وسيم ابوكرم
» كلمة شكر
الأحد يوليو 11, 2010 1:11 am من طرف ابوعمر
» ايها المغتربون استمتعو حيث انتم
الأربعاء يوليو 07, 2010 7:55 pm من طرف ابو يوسف
» خربشات إمرأة...ا
الخميس يوليو 01, 2010 1:31 am من طرف غسان أبوراس
» سويداء الوطن ... يرى النور
الثلاثاء يونيو 29, 2010 12:01 pm من طرف سيسو
» اعتذار عن خلل فني
السبت يونيو 12, 2010 7:32 pm من طرف الوموي
» هل نستطيع سلق بيضه بالموبايل
الثلاثاء يونيو 01, 2010 11:34 am من طرف الوموي
» صور لا تراها إلاّ في مصر
الثلاثاء يونيو 01, 2010 11:21 am من طرف الوموي
» نطرح للنقاش : ماذا تفعل عندما تشتاق لاشخاص لم يعد لهم وجود في حياتك
الإثنين مايو 31, 2010 9:43 am من طرف عماد أبو لطيف
» عذرا انه حلم
الإثنين مايو 31, 2010 9:30 am من طرف عماد أبو لطيف
» عذب الكلام
الخميس مايو 27, 2010 7:33 am من طرف عنب الجبل
» عمل تخريبي في أحد الأراضي المزروعة تفاح في بقعاثا
الأربعاء مايو 26, 2010 10:44 pm من طرف عفاف
» اخراج ... ابو عجاج
الأربعاء مايو 26, 2010 5:23 pm من طرف سيف بن ذي يزن
» Q & A
الأربعاء مايو 26, 2010 5:10 pm من طرف سيف بن ذي يزن
» مني مثل ومنك مثل..
الأربعاء مايو 26, 2010 4:53 pm من طرف سيف بن ذي يزن
» لنبق متألقين دوماً
الثلاثاء مايو 25, 2010 10:50 am من طرف غسان أبوراس